مبادرة صينية للسلام في أوكرانيا.. وإيطاليا والبرازيل وفرنسا تضع خططا للحل تتوافق مع بكين.. متى تنتهي الحرب الروسية؟
أخبار العالممبادرة صينية للسلام في أوكرانيا.. وإيطاليا والبرازيل وفرنسا تضع خططا للحل تتوافق مع بكين.. متى تنتهي الحرب الروسية؟
الأحد 26/فبراير/2023 – 07:05 ص
printer طباعة
شارك
الوساطة لإنهاء حربالوساطة لإنهاء حرب أوكرانيا
معتز شمس الدين
منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية وكان الجميع يقول إن الدولة الأكثر دورا للعب دور الوسيط بين الطرفين، هي الصين، وذلك لما تتمتع به من علاقات ذات تأثير على روسيا، بل والقدرة على الضغط عليها بما تمتلكه من علاقات تجارية اعتبرها المراقبون بأنها رئة روسيا للحياة في ظل الحصار الغربي لها، وهنا وبعد أن أعلنت بكين عن مبادرتها نعرض أبرز مبادرات السلام التي تم طرها خلال أول عام من الحرب، ونوضح الفرق بينها وبين مبادرة الصين.
ويأتي الحديث عن الحلول السلمية للأزمة الأوكرانية الروسية، في الذكرى الأولى لبدء الحرب، بعد إعلان الصين عن بنود مبادرة الحل السلمى لتلك الأزمة المعقدة، وسط ترحيب من جميع الأطراف بها بما في ذلك الطرف الروسي، والذي أعلن أن إطلاق المبادرة جاء بعد مشاورات بين البلدين على أعلى مستوى، وهو ما انعكس في تفاصيل المبادرة.
12 بندا.. تفاصيل المقترح الصيني للسلام في أوكرانيا
وآخر المبادرات المطروحة للحل السلمي، يقد نشرت وزارة الخارجية الصينية، بالتزامن مع الذكرى الأولى للحرب يوم الجمعة 24 فبراير، مقترحا من 12 بندا لتحقيق السلام في أوكرانيا، ويركز الإعلان الصيني على وقف إطلاق النار بين موسكو وكييف، والشروع في محادثات سلام بين الطرفين لإنهاء الحرب التي اندلعت فجر 24 فبراير من عام 2022.
وجاء الإعلان الصيني بعنوان “موقف الصين تجاه الحل السياسي للأزمة في أوكرانيا”، وينص الإعلان الصيني الموجود على موقع وزارة الخارجية على البنود التالية:
احترام سيادة كل الدول: وذلك عبر الالتزام الصارم بالقانون الدولي المعترف به، بما يشمل أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وهنا نجد طمأنة للجانب الأوكراني بعدم المساس بوحدة أراضيها سواء التي تسيطر عليها، أو التي احتلتها روسيا بالقوة العسكرية.
التخلي عن عقلية الحرب الباردة: وذلك برفض تعزيز أو توسيع التكتلات العسكرية على حساب الآخرين، وضرورة أخذ المصالح والمخاوف الأمنية لكل الدول على محمل الجد ومعالجتها بصورة صحيحة… وبالتأكيد جاء الإعلان عن هذا البند بالتوافق مع الجانب الروسي، والذي طالما صرح عدة مرات أن الحرب سببها الحقيقي محاولات ضم أوكرانيا لحلف الناتو، وما يمثله ذلك من خطر على الأمن القومي الروسي.
وقف الأعمال العدائية: وهي الخطوة العملية لاستعادة الحوار المباشر بأسرع وقت ممكن، وهي خطوة من أجل خفض التصعيد تدريجيا وفي النهاية الوصول إلى وقف إطلاق نار شامل … وهي نقطة أساسية لدباية أي حوار بين محتاربين.
استئناف محادثات السلام: وذلك عبر دعم وتشجيع الجهود المؤدية إلى الحل السياسي للأزمة، وفتح باب للحل السياسي في أقرب وقت ممكن، وتهيئة الظروف والمنصات لاستئناف المفاوضات .. وهنا يبدوا واضحا أن الصين تعد نفسها للمساهمة بهذا الدور، حيث أعلنت أنها ستواصل تأدية دور بنّاء في هذا الإطار، وهو يدل أيضا عن تمهيد جيد للمبادرة بالتواصل مع أطرافها قبل الإعلان عنها.
إيجاد حل للأزمة الإنسانية: وذلك عبر دعم جميع التدابير التي تؤدي إلى تخفيف حدة الأزمة الإنسانية وتشجيعها، مع الحرص على تطبيق مبادئ الحياد وعدم التحيز، ولا ينبغي تسييس القضايا الإنسانية، ويجب حماية سلامة المدنيين بشكل فعال، وتوفير ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين من مناطق النزاع، وتوفير وصول سريع وآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية، بهدف منع حدوث أزمة إنسانية على نطاق أوسع، وبالطبع يجب دعم الأمم المتحدة في أداء دور تنسيقي في إرسال المساعدات الإنسانية إلى مناطق الصراع .. وهو بند إلزامي في جميع جهود السلام في العالم وعبر التاريخ.
حماية المدنيين وتبادل أسرى الحرب: وذلك عبر تفادي مهاجمة المدنيين والمنشآت المدنية وحماية النساء والأطفال وبقية ضحايا الصراع، واحترام الحقوق الأساسية لأسرى الحرب، وكذلك تدعم الصين تبادل الأسرى بين أوكرانيا وروسيا، وتدعو كل الأطراف لتهيئة الظروف من أجل خلق ظروف أكثر ملاءمة لهذا الغرض .. وتلك خطوة تبنى مقدار الثقة بين الأطراف المتنازعة، وكذلك الثقة في قدرات الوسيط.
الحفاظ على سلامة المنشآت النووية: تعارض الصين الهجمات المسلحة على محطات الطاقة النووية وغيرها من المنشآت النووية السلمية، وتدعو كل الأطراف للالتزام بالقانون الدولي بما يشمل معاهدة الأمان النووي وتجنب الكوارث النووية التي يصنعها الإنسان، تدعم الصين الوكالة الدولية للطاقة الذرية في لعب دور بنّاء في تعزيز سلامة وأمن المنشآت النووية السلمية .. وهذا البند هو لطمأنة العالم بعد حديث روسيا عن تلويحها لخيار النووي بالانسحاب من آخر اتفاقية الحد من انتشار هذا السلاح مع الجانب الأمريكي.
تقليص الأخطار الاستراتيجية: يجب عدم استخدام الأسلحة النووية وتجنب خوض حروب نووية، وينبغي معارضة التهديد باستخدام الأسلحة النووية، ومنع الانتشار النووي وتجنب الأزمة النووية، تعارض الصين البحث والتطوير واستخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية من قبل أي دولة تحت أي ظرف من الظروف .. وهو بند يستكمل أهداف البد السابق.
تسهيل تصدير الحبوب: إن كل الأطراف بحاجة إلى تنفيذ مبادرة حبوب البحر الأسود الموقعة من طرف روسيا وتركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة بشكل كامل وفعال وبطريقة متوازنة، ودعم الأمم المتحدة في لعب دور مهم في هذا الصدد، بل وجددت الصين طرح مبادرة التعاون بشأن الأمن الغذائي العالمي التي اقترحتها الصين حلا عمليا لأزمة الغذاء العالمية .. وهو بند يعمل على إزالة الآثار العالمية للحرب.
وقف العقوبات الأحادية الجانب: وهنا ترى الصين أن مثل تلك الخطوات الأحادية تخلق مشكلات جديدة، وأنها تعارضها، خصوصا وأنها غير المصرح بها من طرف مجلس الأمن الدولي .. وبالتأكيد هو بند لصالح روسيا، والتي فرض عليها الكثير من العقوبات التى فرضتها الدول الغربية بعيد عن مجلس الأمن.
الحفاظ على استقرار سلاسل الصناعة والتوريد: على كل الأطراف المحافظة جديا على النظام الاقتصادي العالمي القائم ومعارضة استخدام الاقتصاد كوسيلة أو سلاح لتحقيق أهداف سياسية .. وهو بند يخدم الصين نفسها في ظل حربها الاقتصادية مع أمريكا وعدد من الدول الأوروبية.
دعم مرحلة إعادة الإعمار: يحتاج المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات لدعم إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب في مناطق النزاع، والصين أعلنت أنها مستعدة لتقديم المساعدة ولعب دور بنّاء في هذا المسعى .. وهو بند يهدف للخروج من أزمة العقوبات تجاه المعتدي.
مبادرة إيطاليا المبكرة .. مصدر المبادرة وتوقيتها سبب فشلها
وتعد المبادرة الإيطالية من أولى المبادرات التي تم طرحها في وقت مبكر بعد بدء الحرب، حيث تم طرحها في شهر مايو 2022، وبعد 4 أشهر فقط من بدء الحرب، حيث ذكر حينها وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، أن بلاده طورت خطة من أجل حل سلمي للحرب الدائرة في أوكرانيا، وأن الهدف الأول وفقاً للخطة الإيطالية هو وقف القتال في بعض المناطق، يليه وقف إطلاق النار ومفاوضات حيادية وفي النهاية اتفاق سلمي، وقال دي مايو لصحيفة “لاستامبا” الإيطالية: “ما نحتاجه الآن هو هجوم مضاد دبلوماسي”، مشدداً على الحاجة إلى جهود دولية مركزة.
ورغم أن إيطاليا قد طورت الخطة وقدمتها لمفاوضي مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى، بل وتم إرسالها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلا أن توقيتها المبكر، وعدم امتلاك إيطاليا وسائل ضغط على الطرف الروسي، وتصاعد الوضع على الأرض بين الجيشين، جعل المبادرة غير فعالة، ولم يكن لها الدعم الكافى لتحقق شيئا على أرض الواقع.
دا سيلفا يحاول استغلال سحره البرازيلي لحل الأزمة
ومن الشخصيات التي تتمع باحترام المجتمع الدولي هو الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، وبالفعل حوال استغلال سحره البرازيلي لإيجاد ثغرة لوقف تلك الحرب، وذلك عبر الإعلان عن عزمه على جمع مجموعة من الدول للعمل من أجل إطلاق مفاوضات سلام بين روسيا وأوكرانيا، وهي مبادرة طرحت قبل أيام من المبادرة الصينية، حيث قال الرئيس البالغ 77 عاما عبر تويتر “من الملح أن تتحمل مجموعة من الدول غير الضالعة في النزاع مسئولية إعادة السلام”، وقد سبق أن أثار لولا فكرة “مجموعة السلام” بعد اجتماع مع المستشار الألماني أولاف شولتس في 30 يناير في العاصمة برازيليا.
ومن الممكن أن تكون لتلك المبادرة دورا على أرض الواقع، ويتم دمج فكرتها مع المبادرة الصينية، خصوصا وأن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل غالوزين قد أعلن أن موسكو تدرس هذا الاقتراح، وقال غالوزين: “لقد لاحظنا تصريحات الرئيس البرازيلي بشأن الوساطة المحتملة لإيجاد سبل لتجنب التصعيد في أوكرانيا، وندرس هذه المبادرات، خصوصا بسبب موقف البرازيل المتوازن”.
سعى ماكرون لدور الوسيط .. لكن مبادراته أثارت جدلاً
حرص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على دوام التواصل مع بوتين أملاً في التوصل إلى تسوية للحرب الأوكرانية، ودائما ما كان يعلن أن السلام ممكن في أوكرانيا، كما في عدد من النزاعات الأخرى، محاولاً صنع صورة رئيس وسيط حقق نجاحات دبلوماسية كثيرة، ومن الواضح أن الرئيس الفرنسي يركز في جهوده على الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا منذ بداية العام، وذلك عبر مواصلة الحديث مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، الذي قطع قادة غربيون آخرون، على رأسهم الرئيس الأميركي جو بايدن، كل الجسور معه.
إلا أن وجود فرنسا في الجانب المعادى لروسيا كونها أحد أبرز دول الاتحاد الأوروبي الذي يفرض العقوبات على روسيا، جعل حديث رئيسها مثيرا للجدل لدى الطرفين، الروسي والأوكراني، وكان من الطبيعي ألا تثمر تلك المحاولات عن جهود حقيقية على أرض الواقع، وإن كان ذلك يجعل لفرنسا قدرة بشكل ما أن تكون جزءا من حديث السلام الصيني، خصوصا إذا تم تطعيمه برؤية البرازيل وتشكل دول السلام.