سلاح المخيمات الفلسطينة في لبنان قنبلة موقوتة وقوة ضغط خارجية

سلاح المخيمات الفلسطينة في لبنان قنبلة موقوتة وقوة ضغط خارجية

 

لا تزال قضية اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان قضية لم تنل حقها الكافي من الاهتمام العربي والدولي حيث يوجد اكثر من ٤٥٠ الف لاجئ فلسطيني في هذا البلد، ومنهم من يمتلك السلاح الذي يشكل بؤرة توتر أمني داخل المخيمات وخارجها. 

 

منذ نكبة ١٩٤٨ ووضع الفلسطينيين فى لبنان غير وضعهم في أي دولة أخرى حول العالم ،لأنهم يعيشون في مستويات حياتية متدنية وصعبة جداً ، يعيشون في ١٢ مخيمًا على امتداد الاراضي اللبنانية ، يعيشون على معونات منظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة والمعروفة باسم “الأونروا”،ويقضون حياتهم داخل المخيمات تحت رقابة الجيش وقوى الأمن اللبنانية.

 

بالمقابل، يمتلكون كميات هائلة وضخمة من الاسلحة ،ومن كل الأنواع ،وهي متواجدة داخل المخيمات ، امتلكوها بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان إلى تونس نتيجة الاجتياح الاسرائيلي للبنان ومذابح صابرا وشاتيلا عام ١٩٨٢. والمخيمات الفلسطينية في لبنان موزّعة كالتالي : مخيم ضبية،برج البراجنة،مار إلياس،شاتيلا،عين الحلوة، المية مية،نهر البارد، البدّاوي، البص، برج الشمالي، الرشيدية، وذلك بالإضافة للمخيمات التي تم تدميرها، إما بأيدي جيش الاحتلال ، أو نتيجة للحرب الأهلية ، وحرب لبنان في العام ١٩٨٢، وهي مخيمات النبطية وجسر الباشا وتل الزعتر.

كما انّ هناك حوالى ٦٠ ألف لاجئ يعيشون في مناطق مختلفة في لبنان، إما حول المخيمات، أو في المدن اللبنانية المختلفة. 

 

تارخياً ، يعود تسليح الفلسطينيين في لبنان إلى ستينيات القرن الماضي بدعم دول عربية وقوى سياسية لبنانية خاصةً اليسارية والقومية منها، وكانت عملياتها المسلحة تتجه صوب فلسطين المحتلة، حتى تزايدت قوتها المسلحة وبدأت مناوشاتها العسكرية ضد قوى الأمن اللبنانية والجيش اللبناني، وهو ما أدى إلى إقرار إتفاق القاهرة في الستينيات والذي ينظم الوجود العسكري الفلسطيني في لبنان، وطبيعة علاقاته بالسلطة اللبنانية.

 

وعلى الرغم من توقيع الاتفاقية المذكورة اعلاه لم تتوقف الاشتباكات بين الجيش والفلسطينيين، وكان أبرزها الاشتباك الذي حصل عام ١٩٧٠ في بنت جبيل كما حصلت وقتها اشتباكات بين عناصر من حزب الكتائب والفدائيين في منطقة الكحالة أدت إلى مقتل حوالى ٣٠ فدائياً، وانتقلت بعدها الاشتباكات بين الطرفين إلى بيروت. 

 

وعام ١٩٧٣ اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش والمقاومة أدت إلى مقتل ٢٢ فدائياً و١٤ جندياً لبنانيًا، ويومها حذر الرئيس الراحل سليمان فرنجية من استمرار الاعتداء على الجيش وسيادة لبنان.

 

وانطلقت الشرارة الأولى للحرب الأهلية اللبنانية يوم ١٣ إبريل ١٩٧٥ يوم حادثة عين الرمانة،بين الفلسطينيين وحزب الكتائب ، حيث لعب الفلسطينيون دوراً اساسياً في إشعال الحرب الأهلية التى استمرت ١٥ عاماً والتي حصدت ٢٥٠ ألف قتيل من الجميع ،وفي تلك الحقبة التاريخية كان الفلسطينيون طرفاً رئيسياً في هذا الصراع، وفي تغذية المتصارعين، حتى وقع الاجتياح الاسرائيلي على بيروت ومعه خرجت منظمة التحرير من لبنان إلى تونس وحدثت مجزرة صابرا وشاتيلا مخلفةً وراءها حوالي ٤ آلاف قتيل فلسطيني، وحوصر الفلسطينيون في المخيمات، ومع ذلك ظل السلاح موجوداً وفي زيادة مطردة ولا تزال المخيمات الفلسطينية في لبنان، تشكل بؤراً وجزراً أمنية، وتجمعاً لمجموعات وعناصر أصولية من جنسيات مختلفة، بالإضافة للوجود الفلسطيني المسلح خارج المخيمات، وخصوصاً فى سهل البقاع.

 

ونظرا للواقع السيئ الذى يعيشه الفلسطينيون في لبنان، وبعد سيطرة الجيش اللبناني على بوابات المخيمات فلا خروج ولا دخول إلا بتصريح، كل ذلك أدى إلى احتقان مكتوم بين صفوف الشباب، لاسيما أن السلاح موجود داخل المخيمات، فمخيم عين الحلوة مثلا على مساحة كيلو متر مربع ويقطنه أكثر من ٧٠ ألف فلسطيني ،تخطى عددهم المائة ألف بعد نزوح فلسطينيين من مخيمات سوريا، يعيشون على إعانات الأمم المتحدة التي توزع عليهم شهريًا من الزيت والسكر والأرز والدقيق، ولا تكفى حصة الأسرة فردا واحدا طوال الشهر وليس أسرة بأكملها.

 

ومع كل الأسباب المذكورة والظروف المعيشية الطاحنة لمئات الآلاف من الفلسطينيين، ومحاولة بسط الدولة اللبنانية سيطرتها على كامل أراضيها ، انخرط الكثير من رجال المخيمات في تنظيمات مسلحة مقاومة أحيانا وسلفية متشددة في أحيان اخرى ، ومنها تنظيم “فتح الإسلام”حيث اعتدى التنظيم الفلسطيني المسلح على الجيش اللبناني فيما عرف بعدها بمعركة نهر البارد، حيث تصدى الجيش للمسلحين.

 

في الحقيقة ان المخيمات الفلسطينية عبارة عن تجمعات سكنية ذات بيوت متلاصقة وشوارع ضيقة ،تئن تحت وطأة الفقر والزحام ،وتدني الخدمات ومستوى المعيشة مما يجعلها قنبلة موقوتة أوشكت على الانفجار لتدمر الأخضر واليابس، وتعيد لبنان إلى دائرة الصراع المفرغة بين الفلسطينيين وغيرهم داخل لبنان. والتخوف اليوم من أي توتر قد يحصل بسبب التطوّرات الدراماتيكية على أكثر من ساحة في المنطقة، إضافة إلى فرار الكثير من الأصوليين والمتطرّفين من سوريا والعراق إلى المخيمات الفلسطينية، ولا سيما مخيم “عين الحلوة” خاصةً وانّ أطراف إقليمية تقوم بتصفية حسابات فيما بينها على خلفية الحروب المشتعلة في المنطقة، وذلك عبر فصائل فلسطينية تابعة لها من المتشدّدين والأصوليين والمتطرّفين. 

 

وعليه الاحداث الاخيرة التي حصلت في مخيم عين الحلوة تزامناً مع الجهود التي تبذلها مصر لوقف الخلافات الفلسطينية الفلسطينية صدفة؟ ، ام رسائل سياسية مستخدمين الساحة اللبنانية منطلقا لها ؟وهنا نسأل : إلى متى ستظل الساحة اللبنانية ساحة لتصفية الحسابات الخارجية على حساب لبنان واللبنانيين؟  

 

بقلم الاستاذة جويس مارون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى